هل طِفلِك متنمر أم ضحية ؟


لا أُبالغ في التعبير إن وصفت التنمُر بالوحش المفترس الذي يُطارد الجميع صغاراً وكباراً ؛ فإما يلتهمهم ، أو يترُك عليهم ندبة ذات أثر سيء لا يُمكن الشفاء منها بسهولة ؛ ولنكون أكثر صراحةً مع أنفُسنا ، فإن أغلبنا متنمر .
لحظة ! لا داعي للإندهاش ؛ فإن كان أغلبنا نشأ على عدم إحترام إختلافات البشر ، فأصبح يأخُذ من أي شخص مختلف عنه مادة للسخرية ، فهل تعتقد أن هذا سيُربِّي أبناء أسوياء غير متنمرين ؟ بالطبع لا !
لذلك نعتقد أن الحملة التي تنطلق بها مؤسسة أهل مصر للتنمية تحت شعار #أنا_مش_متنمر ، فرصة جيدة لنا جميعاً حتى نرى كيف نخطئ في تربية أطفالنا وننشئ منهم إما متنمرين أو ضحايا ، وفي الحالتين النتيجة غير مرضية تماماً .
ما هو التنمُر ؟
في البداية ، يجب أن نعِّي جميعنا جيداً ما هو التنمُر حتى يُمكننا مواجهته ، فهو حالة من رفض المجتمع لكَ لوجود شيء مختلف بك في شكلك ، طريقة الكلام ، وغيرها .
فمثلاً ، يتعرض نحو ٩٠٪ من ضحايا الحروق للتنمُر ، لمجرد أن مظهرهم مختلف ؛ فليس هذا فقط ، بل أن هناك نحو ٩٩٪ من الأطفال ضحايا الحروق لا يذهبون إلى مدارسهم بسبب تنمُر زملائهم ، دون أن يرتكبوا أي ذنب أو خطأ .. فقط ، لكون شكلهم مختلف عن غيرهم من الأطفال !
الآثار النفسية للتنمُر :-
رُبما تكون الأرقام والنِسب التي ذكرناها بالأعلى صادمة بعض الشيء ، ولكن دعني أخبرك بالأسوأ ؛ فنتيجة للتنمُر يشعُر العديد من ضحايا الحروق بالخوف من مواجهة المجتمع ؛ وبالتالي يفضلون الإنطواء وبعضهم للأسف يُقدِم على الإنتحار .
والآن ، ألم يحن الوقت لننشئ أجيالاً غير متنمرة ؟
في الحقيقة يُمكننا القضاء على التنمُر إن نجحنا في تربية أجيالاً سوية وغير متنمرة ، بالطبع الأمر ليس سهلاً ، ولكن علينا أن نضع في الإعتبار عند تربية أبنائنا هذه النقاط ..
١- علمِّي طِفلِك منذٌ الصغر أن البشر مختلفون وهذه الإختلافات هي التي تمُيزنا ، وأن عليه تقبُل هذه الإختلافات والتعامل معها ولا يسخر منها .
٢- إستمعِّي لطِفلِك جيداً ، أغلب المشاكل يمكن حلها إذا إستمعنْ بإهتمام ؛ لذلك لا تفوتي أي كلمة يقولها طِفلِك .
٣- لا تتنمري على طِفلِك حتى لا يتنمر على غيره ؛ ضعي هذه القاعدة أمام عينيك دوماً ، فإن كنتِ تسخرين من طِفلِك ولا تشعريه بقدره وأهميته ، ستجعلين منه طفل غير سوي وسيفعل هو الأمر ذاته على زملائه .
٤- حاولي دوماً أن تجعلي طِفلِك يتعامل مع بشر مختلفون ، حتى ينشأ ولديه تقبُل لكل هؤلاء .
٥- إذا وجدتِ طِفلِك يتنمر على غيره من أصدقائه ، لا تستعملي العنف معه ؛ بدلاً من ذلك ، تحدثي معه بشأن ما حدث وإظهري له جوانبه السلبية ومدى إنزعاجِك من الأمر .
ويبقى السؤال ، كيف أعرف أن طفلي تعرض للتنمُر ؟
إن المشكلة الكبرى التي تواجهها أغلب الأمهات ، هي عدم معرفتهم بما يمُر به طفلها وهل تعرض للتنمُر بالفعل أم لا ، خاصةً وأن ٧٠٪ من الأطفال في المرحلة العُمرية من ١٣ لـ ١٥ سنة يتعرضون للتنمُر ، ففي الحقيقة الأمر يتطلب منكِ بعض الجهد ؛ فكل ما عليكِ فعله هو ملاحظة النقاط التالية ...
١- تغيُير في علاقة طِفلِك بأصدقائه .
٢- عدم رغبة الطفل في التواجد وسط العائلة في أي تجمُع .
٣- بُكاء طِفلِك منفرداً بشكل متكرر .
٤- المُعاناة المتكررة من الصداع وآلام في البطن ( راجعي الطبيب البشري أولاً ) .
٥- وجود جروح أو إصابات بمختلف أنحاء جسمه ، أو تعرض ملابسه للتمزق .
٦- عدم رغبة طِفلِك في الذهاب للمدرسة .
٧- أصبح عنيف وعصبي أغلب الوقت على غير عادته .
فإذا لاحظتِ أي من هذه العلامات إجلسي مع طِفلِك وأجعليهٌ يشعُر بالأمان ، وأخبريه أنكِ متواجدة دائماً ويمكنهٌ أن يُخبرِك بأي شيء يحدُث معه دون خوف أو خجل .